إذا وجدت أن أكثر من 50 مليون شخص في العالم مصاب على الاقل ب اعراض الصرع البسيطة فستدرك كم أن هذا المرض مهم ومحط الكثير من الأبحاث العلمية. إنه الصرع، يسمونه في الأوساط العلمية بمرض إختلال كهرباء المخ. مخ الإنسان يحوي الملايين من الخلايا والتي تتواصل فيما بينها عن طريق موجات كهربية بكميات محددة جدا. تنظم هذة الكهرباء نقل الأوامر من المخ لباقي الجسم. وعند زيادتها تؤدي لحدوث تشنجات بالجسم فيما يعرف بنوبات الصرع.
ما هو الصرع ؟
هو مرض مزمن يصيب المخ، وعبارة عن نوبات متكررة من التشنجات والحركات اللاإرادية تصيب الجسم نتيجة خلل في كهرباء الدماغ، ولا يمكن التنبؤ بوقت حدوثها أو مدة إستمرارها.
تشير الأبحاث العلمية أنه ينتشر في الدول النامية أكثر من الدول المتقدمة والتي تحتوي على ما يقرب من 20٪ فقط من المصابين نظرا لتقدم وجودة الرعاية الصحية والوعي الطبي بهذة البلدان . اذا توافرت لهم العناية الطبية المناسبة فإن 70من المصابين بالمرض قد يسطتيعوا الحياة بدون نوبات أو على الأقل يكون حدوثها نادرا. أما في الدول النامية، 80٪من المصابين لا يحصلون على الإهتمام الكافى والمناسب للحد من نوباتهم، كما لوحظ إرتفاع نسبة الإصابة نتيجة حدوث عدوي في البلدان الحارة بسبب وجود أمراض معدية كالمالاريا.
ينتشر المرض في الأطفال وكبار السن أكثر من الشباب. وقد يكون سببا في التنمر المستمر الذي يتعرض له الطفل المصاب
أسباب الإصابة بالصرع
السبب المباشر للإصابة بمرض الصرع مازال مجهولا ولكن يوجد أسباب تزيد من إحتمالية ظهوره إذا توافرت في الشخص المحتمل إصابته منها:
- السكتات الدماغية وإصابات المخ الخطيرة.
- تعاطى الأم للمخدرات أثناء الحمل.
- حدوث إصابات للجنين أثناء الولادة أو نقص الأكسجين.
- خلل جينى أو وجود طفرات وسوابق وراثية.
- بعض الأمراض كأورام المخ وإلتهاب التكيسات المذنبة العصبي.
- بعض الأورام المعدية كالإيدز وإلتهاب السحايا.
أنواع نوبات الصرع
-
الصرع البؤري(الجزئي)
هي نوبات صرع تتمركز في جزء واحد من المخ.
ينقسم هذا النوع إلي صورتين:
1. نوبة جزئية بسيطة
وهي نوبة تشنجات تمتد لثواني فقط ولا يصاحبها فقدان في الوعي،ولكن الإحساس بدوار فقط كما يصاحبها تغيير في الشعور كالتذوق والشم. ووزخز في الأطراف.
2. نوبة جزئية معقدة
وهي نوبة تشنجات تمتد لدقائق وقد يصاحبها تحديق في الفراغ وإصدار اصوات أو فرك لليدين، كما يصاحبها فقدان في الوعي لفترة معينة من الوقت.
-
الصرع العام (الكلي).
هي نوبات صرعية تمتد في الدماغ كله وتنقسم الي 6 أنواع:
- نوبة صرعية نشطة، تسبب تشنج في العضلات.
- نوبة إرتخائية، تسبب إرتخاء بالعضلات وتؤدي للسقوط فجأة.
- نوبة إرتجاجية، تسبب تشنجات عضلية متكررة في العنق والوجه والزراعين.
- نوبة إرتعاشية، تسبب الشعور بالوخز والإرتعاش في الزراعين والساقين.
- نوبة الغياب، تسبب خلل بالإدراك أو فقدان للوعي وحركات متكررة كالرمش بالعين والعض على الشفاه.
- نوبة الصرع الضخمة، تسبب تشنجات عنيفة وتصلب الجسم وفقدان السيطرة على المثانة والأمعاء.
اعراض الصرع البسيطة والحادة .
تتكرر الأعراض في كل مرة يصاب الشخص بنوبة صرعية، وتشمل الأعراض:
- إضطرابات في الوعي والأدراك.
- إضطرابات في الحركة وتشنجات بالجسم.
- التشوش الذهني والنسيان.
- إضطرابات بالحالة المزاجية.
الإسعافات الأولية لنوبات الصرع.
إذا تواجد في محيطك اليومي مريض صرع فلابد عليك من معرفتة الإسعافات الأولية للتعامل مع على النحو التالى:
- عدم تكتيف المصاب أو التجمهر حواليه.
- إزالة كل الأجسام الصلبة والحادة من جواره كالنظارات أو أي شئ آخر يمكن أن يسبب له إصابة.
- عدم نقل المصاب أثناء النوبة.
- عدم وضع أي شئ في فم المصاب.
- دعم رأس المصاب بوسادة أو قطعة قماش ناعمة لتجنب إصابة رأسه أثناء النوبة.
- عدم أعطاء المصاب طعام أو شراب.
ويجب الإتصال بالإسعاف عندما:
-
- إستمرار النوبة لأكثر من 5 دقائق.
- اذا كانت المرة الأولي التي يحدث فيها نوبة صرعية له.
- اذا تكررت النوبة بعد مدة قصيرة من النوبة الأولي.
- اذا كان المصاب يعاني من أمراض مزمنة أخري كأمراض القلب والضغط والسكر.
- اذا لم يعود التنفس وضربات القلب للمعدل الطبيعي.
الإختبارات المستخدمة في تشخيص الصرع.
عند تكرار النوبة الصرعية يطلب الطبيب المعالج عدة فحوص للتأكد من تشخيص المرض. وإستبعاد أمراض أخري قد تسبب حدوث نوبات أيضا كمتلازمة الإنسحاب الكحولي أو مشاكل الإلكتروليت ، فيبدأ أولا بفحوص الدم والتي يعرف منها موقف المريض من ووجود عدوي من عدمه وهي أمر يساعد في ترجيح إحتمالية تشخيص هذة النوبة بالصرع ثم يطلب عدة فحوص منها:
-
(EEG) تخطيط كهرباء الدماغ،
هو أكثر فحوص الصرع إنتشارا و يتم عن طريق توصيل رأس المريض بمستشعرات خاصة لتسجيل النشاط الكهربي داخل الجمجمة، وهو ما يظهر نمط مختلف عن ذلك الذي يظهر في الأشخاص العاديين.
2.(MRI) تصوير الرنين المغناطيسي.
يستعمل هذا الفحص لتحديد أورام الدماغ أو أي إصابة أخري قد تسبب نوبة صرعية، ولأن التصوير يتم في حقل مغناطيسي شديد، فإن وجود أي جسم معدني بجسد المريض يعطي نتيجة مغلوطة كحشوات الأسنان المعدنية ولذلك يجب ذكرها للمختص قبل الفحص.
3.(CT) التصوير المقطعى.
تستخدم هذة التقنية في الفحص الأشعة السينية لتصوير الدماغ من عدة زوايا مختلفة ودمجها معا في مقطع واحد لإعطاء فكرة عامة عن حالة الدماغ الصحية وإحتمالية وجود أمراض تحفز نوبات الصرع.
4.(PET) التصوير بإنبعاث البوزيترون.
يعتمد هذا الفحص على أن الدماغ يستخدم الجلوكوز لإنتاج الطاقة، فنقوم بربط الجلوكوز بمادة مشعة يتم حقنها في الوريد، وعند مرورها بالدماغ تظهر مناطق الكهرباء النشطة بلون أفتح عما يجب أن تظهر عليه.
5.(SPECT) التصوير بأشعة جاما.
عند عدم ظهور مناطق الكهرباء النشطة بالدماغ في تخطيط كهرباء المخ و في الرنين المغناطيسي، نلجأ لهذا الأختبار، حيث يحدد مدى ملائمة المرضي للعلاج الجراحى.
علاج الصرع
تحديد ماهية العلاج تتوقف على شدة النوبات وتكرارها حيث يقرر الطبيب ما تحتاجه حالة المريض من أدوية أم جراحة أم علاج أخر.
في حالة استعمال أدوية مضادات التشنج يبدأ الطبيب بوصف أقل جرعة ممكنة مع ملاحظة تأثيرها على شدة وتكرار النوبات ثم يعدلها بما يلائم حالة المريض.
اذا توقف حدوث النوبات مع العلاج لمدة عامين قد يوصي الطبيب بوقف الدواء مع الحرص على الإلتزام بنمط حياة غير محفز لظهور النوبات ثانية.
تتعارض أدوية الصرع مع كثيرا من الأدوية المعتادة التي تصرف بدون وصفة طبية وأيضا مع أدوية منع الحمل.
كما تسبب مضادات التشنجات أعراض جانبية كادوار والشعور بالإجهاد وقلة التركيز ولكنها تقل تدريجيا مع الوقت.
ويجب على المريض تجنب الأنشطة التي تحتاج لإدراك كامل كقيادة السيارة نظرا لأن بعض الأدوية قد تسبب النعاس مما قد يؤدي لوقوع حوادث.
تعتمد مضادات الصرع في عملها على التأثير على النواقل العصبية بالمخ مما يسهل التحكم بالنوبات وتقليلها، لا يمكن أن يؤثر الدواء في نوبة صرعية قائمة ولكن يمكنه منع تكرارها اذا ما تم الإلتزام بالجرعه الموصي بها وتعليمات الطبيب.
في بعض الحالات قد يوصي الطبيب بدمج دوائين معا وتعديل الجرعات، اذا ما كان كل دواء بمفرده لا يعطى النتيجة المرجوه.
أشهر ما يؤخذ للتحكم في نوبات الصرع هو الكاربامازيين(تيجريتول) والتوبراميت(توباماكس).
إذا لم يجدي العلاج بالأدوية نفعا قد يبحث الطبيب إمكانية اللجوء للجراحة، فحينما نجد في الفحوصات أن منطقة محدده بالدماغ هي بؤرة حدوث النوبات فجراحة الاستئصال تكون مما يوصي به الطبيب. حيث يتم إزالة مركز البؤرة الصرعية من الدماغ وغالبا ما تجري هذة الجراحة بتخدير جزئي بحيث يكون المريض واعي ليتأكد الطبيب من عدم التأثير على اي مركز مهم كالرؤية والكلام والحركة. أشهر الجراحات هي جراحة إستئصال الفص الصدغي.
أما اذا كان يوجد أكثر من مركز للبؤر الصرعية فإن الطبيب يلجأ طريقة أخري تسمى الإستئصال المتعدد وهو أن يقوم بعدة قطوع في مسار العصب مما يوقف نقل الإشارات العصبية ويحد من حدوث النوبات.
قد يلجأ الطبيب أيضا لوضع جهاز تحت الجلد في صدر المريض يمكنه تحفيز العصب في الرقبة والواصل للدماغ مما يؤدي للتحكم في النوبات.
تبحث الآن الدراسات الحديثة إمكانية عمل تحفيز عميق للدماغ عن طريق زرع أقطاب كهربيه بالدماغ تتحكم ف النوبات وأيضا إمكانية تركيب جهاز مثل جهاز تنظيم ضربات القلب يتعمل على فحص نشاط المخ وإرسال شحنات كهربية أو أدوية للتحكم في نشاطه.
تأثير الصرع على الزواج والإنجاب.
أثبتت الدراسات أن الصرع يؤثر على مستويات هرمون الذكورة وعدد الحيوانات المنوية وهو من شأنة التأثير على الخصوبة كما لا توجد دراسات كافية عن تأثيره على هرمونات الأنوثة ولذلك وجب المتابعة مع الطبيب قبل خوض خطوة الزواج
أدوية الصرع تؤثر بشكل مباشر وتتداخل مع بعض أدوية منع الحمل مما قد يؤدي لحدوث حمل دون رغبة لذلك وجب إستعمال وسائل إضافية لمنع الحمل إذا كنتى تتعاطين دواء مضاد للتشنجات.
أغلب مريضات الصرع يستطعن الحمل وولادة أطفال أصحاء ولكن لابد من وضعها تحت المراقبة الطبية طول مدة الحمل أذ أن حدوث النوبات الصرعية ممكن أن يؤدي لحدوث تشوهات بالجنين فيجب المتابعه مع الطبيب وتعديل جرعة الأدوية المستخدمة.
ما يجب على مريض الصرع فعله.
- الإلتزام التام بتوصيات الطبيب وجرعات الأدوية الموصوفة وعدم تناول أدوية لأمراض أخري إلا بعد سؤال الطبيب عن إمكانية تغييرها لإمتصاص أدوية الصرع.
- إتباع نظام غذائي عالى الدهون كنظام الكيتو أو حمية اتكنز. وهي أنظمة تعتمد على إمداد الجسم بالطاقة من الدهون بدلا من الجلوكوز وهذا من شأنة تقليل حدوث النوبات في بعض أنواع الصرع. ولكن لابد من إستشارة الطبيب قبل إتباع أيا منها.
- تجنب التدخين والمشروبات الكحولية.
- تجنب إرتفاع درجة الحرارة.
- تجنب الأضواء الساطعة وإستخدام الهاتف والكومبيوتر لفترات طويلة متصلة.
- الحرص على النوم لفترات كافية وأخذ قسط الراحة المناسب.
- لبس سوار يوضح أنه مريض صرع وتعليم المحيطين به وأقاربه كيفية التعامل الصحيح مع أثناء النوبات.
- تجنب التوتر والضغوط النفسية.
- إبلاغ الطبيب بملاحظة أي تغيرات سلوكية أو ذهنية تطرأ علي المريض.
- ممارسة الرياضة تحت إشراف مختص.
- اذا كان مصاب الصرع طفل فيجب على الأهل إجراء إختبارات النمو الذهني له بشكل دوري. اذ لوحظ ان مصابي الصرع من الأطفال يظهر لديهم تأخر في الكلام عن أقرانهم وفرط في الحركة والنشاط،
أشارت الأبحاث العليمية أن 1٪فقط من مصابي الصرع ينتهي بهم المرض بالوفاه نتيجة نوبة صرعية، وأن 70٪ من مصابي المرض يستطيعون التحكم تمام في النوبات ووقف العلاج بعد عدة سنوات من إنقطاع حدوث النوبات.
رغم أن الصرع مرض مزمن، يتعايش المريض معه لفترات طويلة جدا إلا أنه لا يعوق الحياه ومع الإلتزام بالأدوية وتعليمات الطبيب يستطيع المريض ممارسة حياته بشكل طبيعي جدا ويحد من حدوث النوبات وقد يصل ما الرعاية الطبية الجيدة إلي إمكانية وقف الدواء تماما.